الحمل والطفل
pregnancy

0
عملية "البرق الخاطف" البطولية


الإعلام الحربي – خاص

"إنني أقدم نفسي رخيصة لله عز وجل ومرضاة له، وأقوم بعملي هذا رداً على جرائم أعداء الله وأمتنا الإسلامية الذين دنسوا كتابه الشريف ومقدساته وقتلوا أبناء امتنا في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان".. كلمات نطق بها الاستشهادي أحمد صبحي شهاب، فكان له ما تمنى في عملية " البرق الخاطف" التي أربكت حسابات العدو وعجلت في رحيله عن قطاع غزة، بعد أن مرغ أنوف نخبتها المختارة في رمال "موراج" البائدة.

تفاصيل العملية البطولية
القائد الميداني في سرايا القدس " أبو مصطفى" سرد لنا تفاصيل العملية البطولية حيث قال:" لاحظت إحدى مجموعات الرصد التابعة لسرايا القدس تواجد مجموعة من الجنود الصهاينة من الوحدة المسماة ( جفعاتي) على مقربة من السياج الالكتروني لمغتصبة "موراج"، وبعد متابعة استمرت لأكثر من شهرين تم وضع خطة لمهاجمتها، وتم تحديد ساعة الصفر".

وأضاف:" في نفس الوقت كانت وحدة  التدريب تعد الاستشهاديين على عملية مماثلة، وتم وضع كافة التوقعات والمفاجآت التي قد تطرأ أثناء التنفيذ".

وأوضح أن الاستشهاديين "احمد" ومجاهد آخر انسحب من مكان العملية بعد إصابته، تمكنا من دخول المغتصبة وحفرا حفرتين صغيرتين للاختباء بهما، حيث كانت مهمة المجاهد الأول إطلاق قذيفة " ار. بي. جي" باتجاه المدرعة الصهيونية التي تحمل الجنود، فيما كانت مهمة أحمد زرع عبوة ناسفة أعدت خصيصاً تحت الآلية المدرعة لتفجيرها، ومن ثم الانقضاض على الجنود، مشدداً على أن العملية تمت وفق ما خطط له، حتى بعد انسحاب المجاهد الثاني الذي أصيب بعد إطلاقه للقذيفة، حيث اشتبك الاستشهادي احمد مع الوحدة الصهيونية من على مسافة لا تتجاوز بضعة أمتار، واستمرت عملية إطلاق النار المتبادل لأكثر من ساعة ونصف اضطر العدو خلالها إلى طلب مساندة سلاح طيران"الاباتشي" والآليات الصهيونية المدرعة، بعدما عجز جنوده عن مواجهة صلابة وجرأة "احمد" حيث اعتقدوا أنهم يواجهون اكثر من مجاهد.

وذكر "أبو مصطفى" أن وحدات  الإسناد شاركت الاستشهادي احمد في العملية من خلال إطلاق عدة قذائف هاون واستخدام السلاح المتوسط في العملية البطولية التي أطلقت عليها سرايا القدس عملية " البرق الخاطف" لترتقي روح شهيدنا أحمد إلى بارئها يوم 7/5/ 2005م، مع الشهداء والصديقين بعد أن أوقع في صفوف الوحدة المختارة العديد من القتلى والجرحى.

ويذكر أن  الاستشهادي أحمد صبحي عوض شهاب قد جاء فجر ميلاده يوم  2/8/1987م في المملكة العربية السعودية وعاد إلى أرض الوطن سنة 2000م، وهو أعزب، ونشأ في كنف أسرة فلسطينية مجاهدة ملتزمة بتعاليم الإسلام الحنيف، تعود أصولها لمدينة يافا المحتلة عام 1948م، وهي تسكن الآن في مدينة خان يونس، و تتكون من والديه وخمسة أشقاء وأربع شقيقات. وتلقى الشهيد تعليمه الأساسي والإعدادي في مدارس السعودية، وبعد عودته إلى ارض الوطن أنهى المرحلة الثانوية حيث نال شهادة الثانوية بعد استشهاده.
 
حكاية مجاهد
يقول والد الاستشهادي صبحي شهاب (أبو وسام) والذي يصادف اليوم ذكرى رحيل نجله "أحمد" اليوم:" كنا أول الناس الذين توجهنا لمحررة "موراج" بعد اندحار الاحتلال عنها، حيث اصطحبنا دليل من سرايا القدس إلى مسرح عملية (البرق الخاطف) التي خاض غمارها ابني أحمد قبل الاندحار الصهيوني عن قطاع غزة بشهرين" مشيراً إلى أن آثار أقدام نجله ودمائه التي روت الرمال العطشى كانت حاضرة آنذاك، بالإضافة إلى المحاليل الطبية وقطع لملابس ممزقة تعود لجنود الاحتلال القتلى، وأعقاب الرصاص الذي استخدمه "احمد" في عمليته.

وأوضح "أبو سام" أن شعوراً عظيما بالفخر والاعتزاز انتابه وهو يشاهد المكان الذي استطاعت أن تدوسه أقدام ابنه الاستشهادي قبل الجميع وتمرغ أنوف بني صهيون وتعجل برحيلهم عن غزة.

وأضاف: أثناء تجوالي مع الدليل داخل المحررة لمسافات طويلة وخلال مشاهدتي للتحصينات العسكرية بالغة التعقيد، تساءلت في قرارة نفسي، كيف استطاع أحمد وإخوانه الاستشهاديون اختراق الأسلاك الالكترونية وكاميرات المراقبة، والسير لمسافات طويلة داخل الرمال الموحشة حتى الوصول إلى أقرب وأخطر نقطة، ويشتبك مع كتيبة كاملة من الجنود المدربين على أحدث أساليب القتال والمسلحين بوسائل وعتاد حديثة وفتاكة، لو لم تكن عين الله ترعاهم وتسدد خطاهم!".

وتذكر أبو "وسام" في تلك الأثناء الحديث المطول الذي دار بينه وبين نجله عن الشهادة في سبيل الله قبل نحو أسبوع من تنفيذ العملية، قائلاً :" كانت الرغبة في الاستشهاد حاضرة في وجدانه، وكثيراً ما كنت أشفق عليه لصغر سنه، لكنه كان يغلبني دوماً بحجته المستمدة بالدليل القاطع من القرآن والسنة"، لافتاً إلى أن الشهيد احمد لم يكن الشهيد الأول الذي قدمته عائلته المهاجرة من مدينة" يافا"، إنما سبقه جده الشهيد الشيخ "عوض"، واثنين من أعمامه هما " محمود" و"احمد" اللذين ارتقيا شهداء في معركة الدفاع عن فلسطين والمقدسات الإسلامية.

وأعرب الوالد "أبو وسام" في خضم حديثه المؤثر عن حياة نجله الاستشهادي " احمد" عن حالة المفارقة التي كان يعيشها الشهيد احمد، حيث قال:" لقد كان في أيامه الأخيرة منهمكاً في دراسته لامتحانات نهاية المرحلة الثانوية العامة، حتى ظننت انه قد صرف نظراً عن فكرة الاستشهاد، لأفاجأ باستشهاده بعد أسبوع من نهاية الامتحانات"، موضحاً أن نجله أحمد كان إلى جانب اهتمامه في دراسته، يتلقى تدريبات قاسية وخاصة جداً على العملية الاستشهادية، كما أكد له إخوانه في سرايا القدس.

وأشار والد الاستشهادي شهاب، إلى أن حصول نجله على شهادة الثانوية العامة في الفرع الأدبي بتفوق، دلل للجميع على مدى اهتمامه وحرصه نجله على القيام بوظائفه الدنيوية إلى جانب حرصه الشديد على الاستشهاد، مبيناً أن شعوراً بالحزن انتابه لحظة ذهابه لاستلام شهادة أحمد من مدرسته، عندما رأى زملاءه يستلمون بنفسهم شهادتهم والفرحة تغمرهم. مستدركاً بالقول " لكنني تذكرت الجائزة العظيمة التي أعدها الله للشهيد ووالديه في الفردوس الأعلى فتبدد حزني إلى فرحة".

قصته مع أمه
 وبدورها تذكرت والدته "أم وسام" اللحظات المؤلمة التي استقبلت فيها نبأ استشهاد فلذة كبدها، عبر أثير إحدى الإذاعات المحلية بينما كان أفراد الأسرة يتناولون طعام العشاء، مما شكل لهم صدمة هزت الجميع، مرددةً الكلمة الأولى التي قالتها لحظة سماع نبأ استشهاد فلذة كبدها " إنّا لله وإنّا إليه راجعون".

وقالت والدة الاستشهادي بصوت حمل في نبراته كل معاني الأمومة:" كانت فلسطين حاضرة دوماً في وجدان وعقل احمد حتى عندما كان في السعودية كان يحثنا على العودة إليها للعيش فيها، وما أن عُدنا حتى التحق بصفوف حركة الجهاد الإسلامي عام 2003، ليدافع عن شعبه الأعزل الذي يذوق كل يوم الويلات والعذابات من قبل المحتل الغاصب".

لماذا لا تغضب ؟؟
وتضيف الأم الصابرة:" لا أخفيك أنني كثيراً ما كنت أرى الدموع تنهمر من عيون احمد عندما كان يشاهد عبر القنوات الإخبارية المجازر البشعة التي يرتكبها الاحتلال أمام مرأى ومسمع العالم دون أن يحرك أحد ساكنا"، مؤكدةً أن تلك المجازر كانت تلهب مشاعره وتؤجج لديه روح الثأر لدماء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الذين يذبحون بشكل يومي، وهو الأمر الذي دفعه لكتابة وصيته أكثر من مرة في بلاد الحرمين.

ولفتت "أم وسام" إلى أن نجلها تحدث إليها مراراً وتكراراً عن رغبته في نيل شرف الشهادة في سبيل الله، طالباً منها الدعاء له بالتوفيق والسداد، ومؤكداً لها انه يرغب القيام بعمل كبير لله وانتقاماً من تدنيس اليهود للمصحف الشريف والمقدسات الإسلامية التي تنتهك ليل نهار.

وأوضحت أن أحمد قبل أن يخرج إلى مهمته الجهادية الأخيرة حلق شعره ورتب نفسه، وغسل بدلته العسكرية بيديه قبل أن يلبسها أمامها للمرة الأخيرة.

ووصفت الأم المحتسبة نجلها الاستشهادي بـ"العصفور" الذي لا تعرف له غصناً "فأينما حل ملأ الدنيا حباً وجمالاً " لافتة إلى ما كان يتمتع به الشهيد من أخلاق سامية رفيعة وإلى التزامه في الصلوات لا سيما صلاة الفجر في مسجد الشرطة، وحبه للرياضة خاصة رياضتي المشي و"الكونغ فو"، حيث حصل على العديد من الجوائز.

كرامة الشهيد
وروت "أم وسام" خلال حديثها أحد الروايات المؤثرة عن الشهيد أحمد، فقالت:" في اليوم الثاني سمح الاحتلال لضباط الارتباط الفلسطيني بالوصول إلى مسرح العملية لنقل جثمان أحمد، أثناء حمله تبين لجنود الاحتلال عبر الكاميرات أن الشهيد لازال قابضاً على سلاحه، فرفضوا نقله إلا بعد سحب السلاح منه، فحاول ضباط الإسعاف أخذ السلاح، ولم تفلح محاولاتهم المتعددة، فقرر الجندي الصهيوني أن يطلق النار على يديه، ولكن أحد الضباط الفلسطينيين طلب منهم السماح له بمحاولة أخيرة، وبدأ يقرأ عليه بعض من آيات القرآن حتى فتحت يداه وتم سحب السلاح منه، الأمر الذي أثار استغراب ودهشة الجنود الصهاينة الذين كانوا يتابعون الموقف عن كثب". وهنا قال والده في مداخلة سريعة " كنت أتمنى أن يبقى سلاحه معه، لاحتفظ به طوال حياتي".

فصول من حياته الجهادية
ولمعرفة المزيد عن تفاصيل حياته الجهادية قال رفيقه المجاهد في سرايا القدس، "أبو مصعب":" منذ وطأت أقدام احمد ارض الوطن بعد عودته وأسرته من المملكة العربية السعودية عام حرص على الالتحاق في صفوف حركة الجهاد الإسلامي، ليدافع عن شعبه وقضيته التي لم تغب عن باله لحظة".

وأضاف :" تميز الاستشهادي أحمد بعدة صفات جعلته يحظى باحترام الجميع، حيث كان ملتزماً وحافظاً لكتاب الله، وهادئاً قليل الكلام".

وأشار إلى انه في العام 2003 تم إلحاق الشهيد احمد بإحدى المجموعات الجهادية المقاتلة، حيث تلقى العديد من الدورات العسكرية التي أهلته للالتحاق بوحدة الاستشهاديين بعد إلحاحه الشديد على إخوانه في سرايا القدس، حيث شارك في عدة مهمات جهادية، كان منها عمليات رصد ورباط على الثغور، ونصب عبوات ناسفة  والتصدي لتوغلات صهيونية.

إرسال تعليق

 
Top